في عالم التواصل ومن نافذة الفيسبوك تحديدا ،ينتابك شعور. بالحيرة والتفكر ويلازمانك طيلة الوقت الذي أنت فيه مشغل له و تتعاطى معه، وهذا لعمري هو كل وقتك الذي أنت فيه صاح إن لم نقل كله ،لأن هذه الأجهزة الإلكترونية كماتعلمون ،ملكت وقتنا وتفكيرنا وراحتنا وبقي شغلنا الشاغل متابعتها والتي تبدأ مع صبحتنا، ولاتنتهي إلا بعد أن تطمئن أنها أخر من ودعنا لنخلد للنوم ،وهكذا يتجدد اللقاء من جديد،
فكيف لا وأنت تمر عليك في لحظات معدودة وبشكل لايمكنك البتة التحكم فيه ولا السيطرة على مجرياته ،بل تكاد تفقد تركيزك كل ماحاولت التركيز لحجم وهول ماينشر على صفحات أصدقائيك ومتابعيك ،و صفحات من أنت من متابعيهم كم هائل من المعلومات والكتب والجرائد والمقالات والفديوهات والأفلام ،وفي كل التخصصات وشتى مجالات العلوم والأخبار ،في تنافس على السبق المعرفي والعلمي والإعلامي، وفي كل مجالات الحياة، عل بعضها يسبق الأخر ولو بلحظة زمنية، يسجل له فيها السبق على غيره ويكون ذلك مبلغ هدفه ،حتى تقف حائرا بدورك في ماالذي ستقرأه وأي له السبق على الأخر ،بالرغم أن في بعض ماينشر مايفرض عليك أن تتريث حتى تمنحه الوقت الكافي ،وتتخلى عن غيره لحلاوة وطيبة مافيه من معلومات، وقدرة كاتبها على ترتيبها وتنظيمها وصياغتها ،بشكل يجعلك تنتزع من وقتك الذي تتشاطره المنشورات من هنا وهناك حتى تنهي رسالته التي أرادك أن تقرأها أو تسمعها،في حين أن بعضها تمر عليه مرور الكرام وأخر تكتفي بتصفح عناوينه ، وتبقى هكذا تنتقي الغث من السمين ،حتى وبعد أن تكون قد خبرت الفيسبوك ،وأصبحت عارفا به، فينسج معك علاقة صداقة خاصة لاتمنح إلا لمن وثق بمدى تعلقه بالكتاب المتميزين بكثرة متابعيهم والمتفاعلين مع ماينشرون،عندها يصادفك من بين كل هؤلاء الفاعلين والمتفاعلين على الفيسبوك زمرة من الكتاب المقتدرين ينسوك في كل هذا الهرج الذي ملأ عينيك وشوش على مسامعك، ولم تعد تكترث إلا لزبدته التي حصلت عليها بعد كل هذا البحث الذي تطلب جهودا مضنية، ولكنها تكللت بالنجاح بالظفر بمن يمكن أن تلجأ إلى كل ماكتب كل ما شدتك ملكة القراءة حتى ترتوي ،لكون كتاباتهم من شدة حسنها لاتتقادم ولاتشيب.فهم من من يحطم الرقم القياسي في مجاله الذي لم يعد يقتصر على قيمة المنتج فحسب بل كذلك على الوقت الذي أستغرقه ، وعليه أن يدخله سوق القراء قبل غيره،فموسوعة جينيس للأرقام القياسية تتمدد وتتطاول لتقحم أنفها في كل شئ،
ومع ذلك لاتجد قاعدة ثابتة لمسألة التفاعل كثرته من قلته بالجيمات، وأنواعها الملونة والمزركشة الألوان ،وذات العين الواحدة وذات العينين ،والمتباكية والمتضاحكة ،وغيرها كثير من أدوات التفاعل المتاحة ،والتي حظي من معرفتها وتمييزها قليل، فتراني أكتفي باليد الزرقاء في تفاعلاتي جميعها أيا كان الموضوع المتفاعل معه، كل إشارة لها رمزها ومعناها ،ولم أهتم يوما لفك رموزها لأن الأهم عندي هو التفاعل الذي يوحي لمن جد وأجتهد ليضع في متناولك علما سائغا بأنك تعيره الإهتمام المطلوب،وهذا أقل مايجب في حقه ، فتجد منشورا له قيمة علمية وأدبية قل نظيرها وعدد المتفاعلين معه لايتعدى عدد أصابع اليد ،وأخر أقل قيمة منه بكثير يتجاوز متفاعليه عتبة الألف، وهكذا كل وشطارته وحنكته التي تجعله محط إهتمام.
وعلى العموم يظل الفيسبوك من وسائل التواصل الإجتماعيية الذي يضع بين أيدينا مجموعة لامتناهية من الخيارات ،ويجعلنا على متن رحلة في عوالم مختلفة لاتسلم قارة من قارات العالم ولاركن من أركان الأرض طولها وعرضها إلا ولها فيها محطة وقوف، وماعلينا كرواد لنادي الفيس ومتلقين إلا الغوص في أعماق الكتابة حتى نصطاد و نختار بتريث من بين كل تلك البضاعة المتناثرة هنا وهناك، مايفيدنا في حياتنا ويعيننا على أخرتنا.