يعتبر الشاي مادة أساسية في مكونات الخيمة والمنزل بعد ذلك عندنا ، ولاتحلو الجلسة العائلية ولا الفردية وكذا عند المسافر والمغترب إلا به ومعه ،ومخطئي من يعتقد أن الشاي عندنا هو ذلك المركب الممزوج بين الشاي والماء المغلي على النار،وحبات سكر لتحليته، وحقيقة الأمر أنه هو كل ذلك الخليط في شكله وأشياء كثيرة أخرى،فهو أصيل متجذر مع أصالتنا ،فهو دفىء الأفراد والعائلة وملاذهم الأخير في الأفراح والأتراح ،وهو الخطوات ذات الدلالة و الإشارة القوية الأولى ،التي تمهد لضيافة كريمة مع قدوم الضيف ،ويرمز للكرم وحسن الضيافة،وقد إرتبط بثقافتنا الحسانية منذو القدم ،فالجيل الذي سبقنا حكو لنا عنه الكثير والكثير من الروايات المرتبطة به ، فكانو وهم أطفال يشجعهم الأهل على العمل والإشتراك في هموم ومشاغل الرحل البدو بمستخلصات الشاي ليأكلوها ،وكانت عندهم بمثابة الجائزة الكبرى،وليست في متناول الجميع بل لابد من بذل الكثير من العطاء خلال اليوم حتى تستحقها
وفي جيلنا نتذكر ونحن صغار يتم تشجيعنا بقطعة (بحجرة) سكر صغيرة ،من يد معد الشاي، لدعمنا أو تشجيعنا على أمر معين أو تصرف معين ،ولايخلو بيت عندنا ولاخيمة قبله من <شروط أتاي>،مستلزمات ومعدات الشاي فهي من المسلمات والضروريات التي يجب أن تكون موجودة قبل كل شئ، ولكل منا حكايته معه ،ونزداد تعلقا به أكثر كلما كنا في الغربة ،وتربينا مع هذه العلاقة القوية وكبرت معنا كما في ثقافات أخرى تجد القهوة والشاي بطرق تحضير مختلفة،ولازلنا نتمسك به ويزداد الإرتباط به أكثر ،فهو يحل محل الأكل والشرب عندنا ويعوضهم والعكس غير صحيح، ففي حال عدم وجود الشاي لايزهو لك طعام ولاشراب،فتتفاخر العائلات وتتنافس على جودة وجمالية معداته وجميع مستلزماته،
وقديما كان أبناء الصحراء يقطعون مئات الكلومترات ذهابا وأيابا من أجل إحضار وتوفير هذه المادة الأساسية والحيوية في حياتنا اليومية، ولايمكن بأي حال من الأحوال الإستغناء عنها ،ونحرص كذلك على أن تكون المادة المكونة للشاي <الورقة> التي يحضر منها الشاى من أجود مايكون،وبذلك دخل في عاداتنا وقيمنا ، فلاتصلح <الجماعة > الجلسة إلا به ،ولايكون قد أنجز على حقه إلا إذا حضرت بعض الشروط المطلوبة وتتلخص في الفاخر <الجمر>،والجماعة ،والجر أي تحضيره بالتأني ،وعبر ثلاثة كوؤس أقل مايمكن أن يفصل بينهم 15 إلى 20دقيقة، تنقص أو تزيد حسب الظروف،وهذه هي جيمات الشاي الثلاثة التي لايحلو مذاقه وجلسته إلا بها،ومع تطور الزمن تفاعلت طريقة تحضير الشاي معه وتم تطعيمها بمواد جديدة كالنعناع، والبعض يستخدم كذلك الصمغ العربي،ولكن أساسيات الطريقة لازالت هي هي ولم تتغير ولا أظنها والله أعلم ستتأثر لأن الإرتباط متين وفي تزايد.
ويكفي أن يمر عليك بعض ساعات اليوم لم تشرب الشاي حتى يبدأ صداع الرأس، والشعور بعدم الراحة،ويزداد الوضع أكثر كلما مر الوقت الذي تألف فيه شربه ولم تتح لك الفرصة لتناوله،وبالمقابل وأنت منهك من يوم عمل طويل وشاق وما أن تشرب كأسك الأول إلا ويبدأ مفعوله القوي والمنبه من نوع خاص يتسرب إليك ،فتبدأ في الإسترخاء والراحة ،و في إسترجاع طاقتك وحيويتك،فللشاي إذن مزاياه التي لاتعد ولاتحصى،وله كذلك تاريخه وعلاقته القوية التي يعجز القلم عن الإحاطة بكل تفاصيلها والضاربة في القدم،ويبقى الفرق شاسع وكبير بين الإحساس بالراحة وأنت تعد الشاي وتستظل بظل الطلح في أجواء خريفية ممطرة نظرك بدون حواجز تكسره، أو في خيمة و الليلة قمرية هادئية تتراءى لك النجوم،وبين أن تكون في فندق مصنف بأعداد لامتناهية من النجوم .