إن المتتبع للشأن الدولي، يعرف مما لا يضع مجال للشك، على أن العالم ينظر للواقع من منظور القوة لا من منظور الإنسانية و المنطق و العقل، و هذا ما اتضح من خلال العدوان الإسرائيلي على عدة دول في أسبوع واحد، من دون أن نرى أي تنديد رسمي من أي دولة من الدول العظمى سواء في الاتحاد الأوربي أو غيره، و قد كان من الأحرى بان يندد بهذا العمل الجبان الدول العربية أولا التي لها صلة قرابة مع بعضها البعض. فيما يخص اغتيال الشهيدين حسن نصر الله و إسماعيل هنية.
اغتالت آلة الردع و الإرهاب الإسرائيلية يوم 31 يوليو 2024 إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق في العاصمة الإيرانية طهران بعدما كان في زيارةٍ لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. قُتل إلى جانبِ هنية حارسه الشخصي القيادي الميداني في كتائب القسّام وسيم أبو شعبان. مثَّل اغتيال إسماعيل هنية أكبر خسارة في صفوف قادة حركة حماس مُنذ اندلاع عملية طوفان الأقصى.
كما اغتِيلَ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر 2024 ، إثر غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت. جاءت عملية الاغتيال بعد معلومات حصل عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي تُفيد باجتماع لقادة حزب الله في مقرِّه المركزي بالضاحية الجنوبية.
هاته الاغتيالات لم و لن تقوم بها دويلة إسرائيل لو كانت تعلم فعلا على انه ستكون ردة فعل عربية قوية، قد تؤدي بها الى الزوال، أو على الأقل الرشق بصواريخ مثل ما فعل صدام حسين . في 18 يناير 1991، بعد يوم واحد من حرب الخليج الثانية، بدأت القوة البرية العراقية، تحت قيادة الرئيس العراقي صدام حسين، في إرسال 39 صاروخ سكود (أرض أرض) باتجاه أهداف داخل إسرائيل، حيث كانت الأهداف تتمركز، في تل أبيب وميناء حيفا وصحراء النقب، ما خلف عشرات الضحايا ومئات حالات الهلع والفزع.
فالتطبيع الذي سار على نهجه العديد من الدول العربية، سيكون هو سبب زوالهم، و قد أكد على ذلك الرئيس الليبي السابق: معمر القذافي، بحيث قال على أن الدور سيأتي على جميع الدول العربية، و أن فلسطين ما هي إلا شجرة الواجهة التي تخفي غابة من الأشجار العربية، و إذا تم القضاء على فلسطين فان الدول العربية سيأتي الدور عليها لا محالة. و هذا قد اتضح من خلال الهجوم العدواني الأخير الذي قامت به إسرائيل على لبنان، سوريا، العرق، اليمن، الأردن، ثم إيران. و بعد القضاء على هات الدول سيتم التوجه الى السعودية و الإمارات و البحرين، و بعد ذلك التوجه نحو الدول العربية لشمال إفريقيا.
فقد شكل يوم الرابع عشر من ماي عام 1948 انعطافة في تاريخ الفلسطينيين الذين صدموا بإعلان ديفيد بن غوريون، زعيم الحركة الصهيونية، قيام دولة إسرائيل. وأطلق العرب على هذه اللحظة اسم “النكبة”.
و بالرغم من مرور سبعين سنة من الاحتلال الى أن عزيمة النصر تبقى متجذرة في النفوس الفلسطينية و قد شكلت حرب 7 أكتوبر تغيير واضح في طرق الهجوم و المباغتة آو ما يطلق عليها بمعركة طوفان الأقصى أو حرب السيوف الحديدية هي حرب مستمرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى. بدأت بعد هجوم نوعي منسَّق ومُفاجئ شنَّته حركة حماس على إسرائيل والذي أسمته بعملية طوفان الأقصى في صباح يوم السبت (7 أكتوبر 2023 م) الموافق (22 ربيع الأوَّل 1445 هـ) وذلك بإطلاق ما لا يقلُّ عن 3000 صاروخ من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس باتجاه إسرائيل.
بالموازاة مع اختراق حوالي 2500 مسلَّح فلسطيني الحاجز بين غزة وإسرائيل بِشَنِّهِم لهجوم عبر السّيارات رُباعيّة الدّفع والدّراجات النّارية والطّائرات الشّراعيّة وغيرها على البلدات المتاخمة للقطاع، والتي تُعرف باسم غلاف غزة، حيث سيطروا على عددٍ من المواقع العسكريَّة خاصة في ”سديروت”، ووصلوا ”أوفاكيم”، واقتحموا ”نتيفوت”، وخاضوا اشتباكاتٍ عنيفة في المستوطنات الثلاثة وفي مستوطنات أخرى كما أسَرُوا عددًا من الجنود والمواطنين واقتادوهم لغَزَّة فضلًا عن اغتنامِ مجموعةٍ من الآليَّات العسكريَّة الإسرائيليَّة. أدَّى الهجوم إلى مقتل ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي.
فالسؤال الذي لازال يحير الملايين من ساكنة هذا الكوكب، لماذا لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا الذين يدعون الإنسانية و حماية حقوق الإنسان، بفتح تحقيق فيما يخص تفجيرات أجهزة البيجر، التي أدت الى قتل العديد من اللبنانيين و تشويههم من طرف الموساد الإسرائيلي. و غيرها الكثير من الاغتيالات التي تتضح للجميع على أن دويلة إسرائيل ضالعة فيها.
فقد انفجر العديد من أجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستخدمها رجال يُعتقد أنهم أعضاء في حزب الله اللبناني، ما تسبب في سقوط تسعة قتلى وأكثر من 2700 مصاب في مناطق مختلفة من لبنان، في العاصمة بيروت وفي الجنوب. فهاته الأجهزة كانت مفخخة مسبقا من طرف الموساد الإسرائيلي و هذا هجوم سبراني خطير يهدد الإنسانية و الكل أصبح متخوف من أن ينفجر هاتفه الخاص.
و عليه فان حادث اغتيال حسن نصرة الله و إسماعيل هنية، يعتبر بداية النهاية لكل الدول العربية المطبعة، بحيث أن إسرائيل أثبتت انه بإمكانها اختراق أي نظام و بجميع السبل الممكنة، و لو كان خارج حدودها بآلاف الكيلومترات و ذلك بمساعدة و أمام المجتمع الدولي من الحليف السياسي و الاستراتيجي أمريكا و بريطانيا و عدة دول أوربية و بعض الدول العربية.
و الأجدر من الدول العربية التحالف من اجل القضاء على هذا السرطان قبل أن يتمدد في كل التراب العربي، وهذا هو الحلم الذي يطمح له العديد من الاسرائيلين من خلال اقتطاع مجموعة من الأراضي العربية للعديد من الدول. و هذا جزاء من يرى أخوه الفلسطيني يقتل و يعذب و ينكل ليل نهار من دون نصرته أو مساعدته ولو من خلال إصدار بيان رسمي تنديدي أو دعم الأغذية و الأغطية و الأدوية، و الأهم من هذا كله هو الدعم العسكري و العتاد الذين هم في أمس الحاجة له.
لكن الحرب التي تتحد فيها قوة الشر من أمريكا و إسرائيل، ضد الشعب الفلسطيني الأعزل الذي لا يتوفر على سلاح الجو، أظهرت لنا الأخوة الحقيقيين : الحوثيون من دولة اليمن الشقيقة، فرب ضارة نافعة، و قد تبين للجميع من هم الأخوة الحقيقيون و من هم الأخوة المزيفون . بحيث أن الحوثيون اشفوا غليل قلب كل من فيه ذرة من الإنسانية. عندما أوقفوا الملاحة الدولية خوصا السفن الحربية الأمريكية – الإسرائيلية. بالإضافة الى ذلك في منتصف سبتمبر الماضي، أعلنت جماعة الحوثي أنها قصفت هدفا عسكريا في يافا وسط إسرائيل، بصاروخ باليستي فرط صوتي تجاوز أكثر من ألفي كيلومتر.
و في نفس السياق فان أزمة البحر الأحمر كبدت خسائر مالية كبيرة لإسرائيل وأطلق عليها المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين اسم معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس هي هجمات شنتها القوات المسلحة اليمنية الموالية لحركة أنصار الله اليمنية على إسرائيل خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية بهدف الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على قطاع غزة الذي قُتِل فيه أكثر من 30 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال.
واشتملت الهجمات على عمليات قصف لجنوب إسرائيل باستخدام الصواريخ الباليستية والجوالة والطائرات المسيرة، وأعلنت منع مرور السفن الإسرائيلية والتابعة لاسرائيلين من العبور من مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي وشنَّت هجمات على السفن الإسرائيلية باستخدام المسيرات البحرية والصواريخ البحرية واحتجزت سفينة واحدة على الأقل، وفي التاسع من ديسمبر/كانون الأول أعلنت منع مرور جميع السفن من جميع الجنسيات المتوجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية في حال عدم دخول احتياجات قطاع غزة من الدواء والغذاء.
تعليق واحد
التوفيق للأستاذ حمنة محمد أحمد اخي و صديقي